على مر التاريخ كان الشكل الخارجي هو الهم الشاغل للبشر باختلاف العصور والثقافات والبلدان، وكانت النساء هن أكثر من أصابتهم تلك اللعنة وصُنفن طبقًا لشكلهن الخارجي ولمعايير جمالٍ غريبة جعلتهن يلجأن إلى أكثر الطرق تطرفًا للحفاظ على جمالهن بل زيادة إبرازه حتى لو كانت حياتها -أحيانًا- هي الثمن.
وحيل الجمال تختلف باختلاف الثقافات والبلدان ومعايير الجمال التي تتغير باستمرار وبالتزام السيدات باستماتة في اتباعها؛ ففي أوروبا في بداية الثورة الصناعية كان الخصر النحيل أحد عوامل الجمال التي يجب أن تلتزم بها المرأة، ولأن ليس الجميع يولد بخصر نحيل تم ابتكار "الكروسيه" وهو عبارة عن شيءٍ يقوم بتضييق الخصر لدرجة أن بعض السيدات لم يستطيعوا الأكل ولا التنفس بحرية عندما كنّ ترتدينه.
وصل الأمر أن بعض الرجال ارتدوه أيضًا، خاصةً إذا كان الرجل ينتمي إلى الطبقات الأرستقراطية.
وفي القرن السادس عشر في أوروبا كانت سيدات الطبقة الأرستقراطية تقمنَ بنتف شعر الوجه حتى الحاجبين والرموش، وظهر ذلك واضحًا في بروتريهات الطبقة الحاكمة في ذلك الوقت مع العلم أن نتف شعر الحاجب كان يستخدم كوسيلة من وسائل التعذيب الصيني، ويرجع ذلك إلى اليونان القديمة فهم أول من وصموا السيدات لوجود شعرٍ في أجسادهن واستخدموا شمع النحل في إزالته وكانت عملية مؤلمة جدًا.
وفي العصور الوسطى كان الرومان مولعون بالشعر الأشقر لدرجة الجنون، لدرجة أنهم قاموا باستخدام مواد كيميائية مثل ماء الأكسجين في تصفير وتشقير الشعر، سيدات ورجال ولكن انتهى بهم الأمر إلى حرق شعرهم وتساقطه بالكامل ومن هنا ظهرت الباروكة التي كانت شائعة جدًا في تلك الفترة.
وفي اليابان كان يتم إجبار الفتيات وهن صغيرات على لبس أحذية ضيقة جدًا لتكبر ومقاس قدميها صغير وسبب هذا تشوهات في القدم وأحيانًا عدم القدرة على المشي.
وفي أفريقيا كانت السيدات تلبس حلقة ضيقة في رقبتها مقابل كل سنةٍ من عمرها حتى تصبح رقبتها طويلة وكان هذا بمثابة طوق الاعتقال.
وفي العصور الحديثة للأسف لم تتحرر المرأة من تلك الحيل بل زادت حدتها خاصةً في آسيا فهم يستخدمون نوع من السمك آكل اللحوم لكي يزيل الجلد الميت من القدم ويُسمى بحمّام السمك، ومؤخرًا ظهرت حيلة وضع نوعٍ معين من الحلزون على الوجه وجعله يتحرك لأن إفرازاته يُقال أنها تساعد على شد البشرة وإفراز الكولاجين.
ومن أكثر أسرار الجمال تطرفًا هي تلك التي كانت تتبعها الملكات في العصور القديمة؛ فأشهرهن على الإطلاق هي كليوباترا التي قيل أنها كانت تستحم دائمًا في وعاء من حليب الحمير لكي تحافظ على جمال بشرتها! بالرغم أن الحيل التي استخدمتها كليوباترا لا تعد متطرفة بالمقارنة مع النساء الأخريات؛ إليزابيث باثوري النبيلة المجرية كانت مهووسةً بجمالها وشبابها وكانت معروفة بالعنف الشديد تجاه الخدم وطبقًا للروايات أنها ذات مرة كانت وصيفتها تصفف شعرها فقامت بشَدِّه فتألمت إليزابيث فقامت بضربها بالمقص ولاحظت أن الدم الذي غطى يديها جعلها شديدة النعومة، ومن هنا جاءت لها فكرة أن تستحم بدماء خادماتها فكانت تعلق الخادمات وتقطع رقبتهن لينزفوا كل دمائهن لتستحم هي بها كل يوم، وعندما تم اقتحام القلعة عُثِر على تلك الخادمات وسيدات من الطبقة الراقية مقتولاتٍ بتلك الطريقة.
مهما اختلفت الحضارات والأزمان والبلدان يظل وهم الجمال يطارد البشر خصوصًا السيدات مما يدفعهن لابتكار أغرب الطرق فقط لإرضاء المجتمع والناس من حولهن حتى إذا كانوا سيعانون الآلام في سبيل ذلك.
السؤال هنا، هل يستحق الجمال كل هذا القدر من الألم؟